مقدمة
أدى تطور الأنشطة العملية من النشاط الزراعي إلى النشاط
الصناعي والخدماتي وتطور الآليات المستخدمة في هذه الأنشطة إلى ارتفاع في نسبة
حوادث الشغل اثر الاستعمال المكثف للآلة، واستخدام المواد الخطيرة وتشعب الطرق
المؤدية للعمل والتي يسلكها الأجير لتحقيق غاية من الغايات الضرورية بمناسبة عمله
دون الغايات الشخصية الأمر الذي فرض مزاوجة هذه المخاطر بحماية قانونية متينة
تراعي موقع الأجير كطرف ضعيف وتتلاءم مع النمو الذي عرفته القطاعات الشغلية.
وهو الأمر الذي انبرى له المشرع من خلال ظهير 18.12
المتعلق بحوادث الشغل. فبعدما لم يكن للأجير في البداية سوى طلب تعريض في ما لحق
من ضرر من سلوك قام به المشغل طبقا لمقتضيات الفصل 750 من قانون الالتزامات
والعقود والذي قيد حصوله على التعويض باثباته للخطأ، وهو ما يعد عسيرا في وضعيته
المتضررة ليتدخل بعد ذلك المشرع وبفرد ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بالتعويض عن
حوادث الشغل والذي جاء بقاعدة خاصة ازاحة القاعدة العامة السابقة، واعتبر المشغل
مسؤولا عن الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل دون الحاجة لإثبات الخطأ من طرف الأجير
وهذا الظهير. ثم تغييره بمقتضى ظهير 6 فبراير 1963 والذي سعى من خلاله المشرع لتطوير
مفهوم الحماية الاجتماعية من خلال تكريس نظرية المخاطر المهنية والتي تعفى الأجير
من الاثبات خطأ وتحميل هذا الأجير للمسؤولية رغم عدم ظهور أي خطأ من جانبه إلا أن
التعويض الناجم عن هذه المسؤولية هو تعويض جزئي لا يشمل ولا يجبر كل عناصر الضرر
التي تلحق الأجير جراء الحادثة أو المرض المهني
إلا أن هذا الأصل يرد عليه استثناءات تتعلق بالحالة التي
يصدر فيها المسبب للحادثة أو المرض المهني من الغير أو المؤاجر أو أحد تابعيه إذا
تلبس خطأه العمدية أو عدم المقبولية إذ بهاتين الحالتين للمصاب أو ذوي حقوقه أن
يفعلوا دعوى الحق العام الحصول على تعويض يغطي كل عناصر الضرر.
وعليه وارتباط بظهير 18.12 والمتعلق بحوادث الشغل فنميز
بين عدة طرق لإقامة الدعاوى فيه دعوى التعويضات والمصاريف عن الأضرار الناتجة عن
الحادثة بين عدة طرق إقامة الدعاوى فيه. دعوى التعويضات والمصاريف عن الأضرار الناتجة
عن الحادثة ودعوى مراجعة الايراد ودعوى الانتكاس ودعوى الحق العام وهذه الأخيرة هي
التي تهمنا أي دعوى الإيراد التكميلي ويقصد بالإيراد التكميلي ذلك المقدار من
التعويض الذي يحصل عليه الأجير المصاب الوذوي حقوقه بعد وفاته من المسؤول عن
الحادثة بعد ما غطى الإيراد الأساسي جزءا من الضرر فقط.
فالإيراد التكميلي يختلف عن الايراد عن العجز الدائم
والذي يمنح للمصاب بحادثة شغل أو مرض مهني خلفت لصاحبها عجزا دائما أو جزئيا أو
عليا حليلة حياته، أثرت أو تؤثر على قدراته في مزاولته لمهامه، وأنها تمنحه في
مزاولة أي نشاط دون أن يكون للغير دخل في وقوع الحادثة، فالإيراد العمري الممنوح
للمصاب تعويض عن العجز الدائم لملء النقص الذي لحق قدراته. كما يختلف الإيراد
التكميلي الممنوح لذوي الحقوق في السبب الذي يستخفون عليه والمتمثل في وفاة المصاب
من جراء مرض مهني أو حادثة شغل وفقد أنهم لكفيل بهم وهو رد عيش الأمر الذي يفرض
مطالبة كل واحد منهم بهذه الايرادات وفق دعوى خاصة فمقتضى الايراد التكميلي يطالب
الأجير المصاب أو ذوي حقوقها بالفرق بين التعويض الجزئي وفقا للمقتضيات ظهير 24
دجنبر 2014 وبين التعويض الشامل كما تقرره المبادئ العامة لقواعد المسؤولية
المدنية.
ومن هنا تظهر أهمية الموضوع على المستوى العلمي والنظري
في الكتابات التي تناولت موضوع دعوى الإيراد التكميلي طبقا لأحكام قانون 18.12 إلى
حد الانعدام .. بعض المقالات. ومن الناحية العملية والواقعية فتبرز أهميته في غموض
النصوص المنظمة والتي أدت لتضارب الأحكام القضائية الأمر الذي دفع المشرع لإدخال
بعض التعديلات على هذه الأحكام طبقا لقانون الأنف الذكر.
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال قانون 18.12
المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل توفير الحماية لضحايا هذه الحوادث وتمكينهم من
تعويض شامل لكل الضرر اللاحق عن طريق دعوى الإيراد التكميلي؟
وعليه سنحاول الإحاطة بهذه الدعوى من خلال طرح الاشكالية
التالية من خلال التصميم التالي:
·
المبحث الأول: أحكام دعوى الإيراد التكميلي
·
المبحث الثاني: حساب الإيراد التكميلي
---- التالي>