بمجرد رجوع الملف إلى المحافظة العقارية ، يعني أن النزاع قد انتهى . وبعد التأكد من محتوياته يتعين تطبيق منطوقه وتنفيذ مقتضياته إلا أن هده المهمة قد تصادف ببعض الصعوبات القانونية والعملية . وهدا ما سنتطرق اليه من خلال. مفهوم صعوبة في تنفيذ الأحكام وأنواعه (الفقرة الاولى) على أن نتحدث عن من له الحق في إثارة الصعوبة في التنفيذ (الفقرة الثانية )
الفقرة الاولى : مفهوم صعوبة في تنفيذ الأحكام وأنواعه أولا : مفهوم صعوبة في تنفيذ الأحكام تحدث المشرع المغربي عن صعوبة في التنفيذ الأحكام بصفة عامة في الفصول 26 و 149 و 436 . ولم يضع تعريفا محددا لها ، وورد له مجموعة من التعاريف ونختار منها :
" الصعوبات التي تعترض تنفيذ الأحكام والسندات القابلة للتنفيذ ، هي منازعات قانونية أو واقعية يتقدم بها الشخص المحكوم عليه لمنع التنفيذ أو الحيلولة دون تمامه أو الشخص المحكوم له المتضرر من عدم التنفيذ أو من تمامه ، أو الغير المتضرر من التنفيذ على أمواله " ثانيا : أنواع الصعوبات في التنفيذ سنتطرق إلى الصعوبات الواقعية (ا) تم الصعوبات القانونية (ب) ا : الصعوبات الواقعية تتمثل الصعوبات الواقعية في وقائع مادية أفرزت صعوبات لا يتأتى معها القيام بإجراءات التنفيذ أو إتمامها، ومن ذلك مثلا في حالة ما إذا كان النزاع محل التعرض الحدود وبعد صدور الحكم أو القرار غير نهر مجراه ليشمل الحدود المتنازع عليها بكيفية لا يمكن معها تعيين الحدود بناءا على ما حكم به القضاء ، كما يمكن أن تكون الصعوبات الواقعية للتنفيذ ناتجة عن نقص يشوب سند التنفيذ ذاته، كأن يقع غلط في تحديد موقع العقار أو أن يحصل خطأ و تبليغ الحكم إلى المعني، وعند مرور أجل الطعن فيه يتم اللجوء إلى مرحلة التنفيذ عندها يطعن المعني في إجراء التبليغ مما يجعل مسألة التنفيذ تثار معها صعوبات لا يمكن معها القيام به إلا بحلها ب: الصعوبات القانونية
من المعلوم أن الأحكام والقرارات التي يصدرها القضاء يجب أن تتوافق مع ما تنص عليه القوانين عامة وبصفة خاصة تلك المتعلقة بموضوع النزاع بالتحديد، والمحددة في القوانين العقارية بالنسبة لدعوى التعرض، وإذا ما تعارض الحكم مع القانون قلنا بوجود صعوبات قانونية
والصعوبات القانونية التي .تحول دون تنفيذ الأحكام العقارية لا يمكن حصرها ولكن يمكن نذكر منها الأمثلة الآتية :
الأملاك العامة :
إن الأموال العامة غير قابلة للتصرف ولا للحجز ، ولا تملك بالتقادم، وقد نص على ذلك الفصل 4 من ظهير 1914/7/1، ومن الأملاك العامة شاطئ البحر والأخلجة والمراسي والأموال الملحقة بها، والمنارات والمياه الجارية على وجه الأرض، والبحيرات والترع والحواجز والسدود والقنوات والطرق والأزقة والسبل والسكك الحديدية والتحصينات المتعلقة بالمواقع الحربية والمراكز العسكرية..
أراضي الجموع :
إن أراضي الجموع المنظمة بظهير 27 أبريل 1919 لا تقبل التفويت ولا التملك بالتقادم ،وإذا صدر حكم لفائدة شخص فيمكن لمن يعنيه الأمر أن يثير صعوبة في تنفيذه ويطلب إيقافه لمخالفته للقانون
أراضي الأحباس :
تعتبر أراضي الأحباس غير قابلة للتصرف والتفويت ولا للقسمة البتية، وإذا صدر حكم بتفويتها لشخص خارج إطار مسطرة التفويت المنصوص عليها في القانون، أو قضى بقسمتها قسمة بتية فإنه لا ينفذ ويمكن لمن يعنيه الأمر أن يثير صعوبة في تنفيذه ويطلب إيقاف تنفيذه لمخالفته للقانون، (الفصل الأول من ظهير 11 يناير 1918 المتعلق بعدم تملك المحلات الدينية الإسلامية كالمساجد والجوامع والزوايا والأضرحة وما يلحق بها الموجودة والتي سيحدثها الأفراد وجماعات الناس في المستقبل
الفقرة الثانية : من له الحق في إثارة صعوبة تنفيذ الأحكام الباتة في التعرض
جاء في الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية " إذا أثار الأطراف صعوبة واقعية أو قانونية لإيقاف تنفيذ الحكم أو تأجيله أحيلت الصعوبة على الرئيس من لدن المنفذ له المحكوم عليه أو العون المكلف بتبليغ أو تنفيذ الحكم القضائي" فهل يمكن كذلك للمحافظ العقاري إثارة الصعوبة ؟ وهدا ما سنتطرق اليه في الاتي من له الحق في إثارة الصعوبة :
أولا : إثارة صعوبة في تنفيذ الأحكام الباتة في التعرض من طرف المحكوم عليه
كثيرا ما يثير المحكوم عليه هده الصعوبة من اجل تأجيل التنفيذ إلى أن يتم الإجراء المطعون فيه بكيفية صحيحة ، وهده الصعوبات متعددة قد تكون في عدم صحة التبليغ ، أو عدم إجراء الإشهار القانوني .او يدعي أن الدين قد انقضى بسبب من أسباب الانقضاء ليوقف بيع العقار المحجوز
كما يمكن لورثة المحكوم علية أو الدائنين أن يثيروا بدورهم صعوبة في التنفيذ لان من حقهم المحافظة على حقوقهم .
ثانيا : إثارة صعوبة في تنفيذ الأحكام الباتة في التعرض من طرف المحكوم له
قد يحدث أن المحكوم له هو الذي يثير صعوبة في التنفيذ، إذا تبين له أن الحكم سينفذ بطريقة تضر بمصالحه، كما إذا كان منطوقه مناقضا لتعليلاته وتنفيذه سيؤدي إلى حصول الدائن المحكوم له على أقل مما يستحق
كما يمكن أيضا أن يقوم بإثارة صعوبة في التنفيذ كل من ورثة المحكوم له بعد وكدا الدائنون الذين تتأثر مصالحهم بإجراءات التنفيذ.
ثالثا : إثارة صعوبة في تنفيذ الأحكام الباتة في التعرض من طرف الغير
الأصل أن الأحكام نسبية ولا يتعدى أثارها إلى غير أطرافها ، لكن تنفيذها قد يمس أحيانا مصالح الغير فيضطر هذا الغير إلى الاعتراض على تنفيذ حكم لم يكن فيه وقد بين الفصل 468 من قانون المسطرة المدنية كيفية ذلك بالنسبة للمنقول ، أما بالنسبة للعقار فلا سبيل للغير لوقف التنفيذ سوى رفع دعوى الاستحقاق وهذا ما ينص عليه الفصل 482 من قانون المسطرة المدنية
2 - وقد ذهب المجلس الأعلى في قراره رقم 615 في 1991/ 3 / 6 إلى أن إثارة الصعوبة في التنفيذ لا تثبت إلا لأطراف الحكم المراد تنفيذه لا للغير الخارج عن الخصومة عملا بنسبية الأحكام، وأن الغير إنما يكون له سلوك تعرض الخارج عن الخصومة.
رابعا : إثارة صعوبة في تنفيذ الأحكام الباتة في التعرض من طرف المحافظ
يعد المحافظ غيرا بالنسبة للنزاع، مسؤول على تنفيذ ما قضت به المحكمة بكل حياد، فلا نفع ولا ضرر يعود عليه من وراء التنفيذ أو عدمه، وعليه فلا صفة للمحافظ إثارة الصعوبة في التنفيذ أمام القضاء، وله أن يرفض إجراء عملية التنفيذ بقرار معلل ليمكن الأطراف من اللجوء إلى القضاء قصد النظر في الصعوبة المثار
يتبين من هده الدورية أن المحافظ العقاري هو غيرا بالنسبة للنزاع ولا يمكن له إثارة الصعوبة من طرفه ويحتمل أن يكون طرف في القضية في حالة الطعن في قراراته برفض التعرض أو الغائه وبذلك يكتسب الصفة وإثارة الصعوبة وهناك اختلاف في مدى إمكانية إثارة الصعوبة من طرف المحافظ العاري
وجاء في حكم المحكمة الابتدائية ببركان حكم رقم 317 بتاريخ 2003/01/28 في ملف رقم 1844/2001 "إثارة صعوبة التنفيذ من طرف المحافظ... دعوى التعرض... الفصل 26 من ق. م.م.
المحافظ تنعدم فيه الصفة والمصلحة حتى يستطيع أن يثير صعوبة التنفيذ ويحيل ملف مطلب التحفيظ من جديد أمام محكمة الموضوع طبقا للفصل 26 من ق. م.م للبت في صعوبة التنفيذ.
أمام فصل المحكمة في التعرضات المطروحة عليها وإحالة الملف على السيد المحافظ فإن هذا الأخير لم تبق له الصفة في إحالة الملف من جديد على محكمة التحفيظ خارج إطار التعرضات."